الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **
اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح عل أثره وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته. ويحتجون في هذا الشأن بأحاديث خرجها الأئمة وتكلم فيها المنكرون لذلك وربما عارضوها ببعض الأخبار. وللمتصوفة المتأخرين في أمر هذا الفاطمي طريقة أخرى ونوع من الاستدلال وربما يعتمدون في ذلك على الكشف الذي هو أصل طرائقهم. ونحن الآن نذكر هنا الأحاديث الواردة في هذا الشأن وما للمنكرين فيها من المطاعن وما لهم في إنكارهم من المستند ثم نتبعه بذكر كلام المتصوفة ورأيهم ليتبين لك الصحيح من ذلك إن شاء الله تعالى. فنقول: إن جماعة من الأئمة خرجوا أحاديث المهدي منهم الترمذي وأبو داود والبزاز وابن ماجة والحاكم والطبراني وأبو يعلى الموصلي وأسندوها إلى جماعة من الصحابة: مثل علي وابن عباس وابن عمر وطلحة وابن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي سعيد الخدري وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة بن إياس وعلي الهلالي وعبد الله بن الحارث بن جزء بأسانيد ربما يعرض لها المنكرون كما نذكره. إلا أن المعروف عند أهل الحديث أن الجرح مقدم على التعديل. فإذا وجدنا طعناً في بعض رجال الأسانيد بغفلة أو بسوء حفظ أو ضعف أو سوء رأي تطرق ذلك إلى صحة الحديث وأوهن منها. ولا تقولن: مثل ذلك ربما يتطرق إلى رجال الصحيحين فإن الاجماع قد اتصل في الأمة على تلقيهما بالقبول والعمل بما فيهما وفي الاجماع أعظم حماية وأحسن دفع. وليس غير الصحيحين بمثابتهما في ذلك فقد نجد مجالاً للكلام في أسانيدها بما نقل عن أئمة الحديث في ذلك. ولقد توغل أبو بكر بن أبي خيثمة على ما نقل السهيلي عنه في جمعه للأحاديث الواردة في المهدي فقال: ومن أغربها إسناداً ما ذكره أبو بكر الإسكاف في فوائد الأخبار مسنداً إلى مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب بالمهدي فقد كفر ومن كذب بالدجال فقد كذب ". وقال في طلوع الشمس من مغربها مثل ذلك فيما أحسب. وحسبك هذا غلواً. والله أعلم بصحة طريقه إلى مالك بن أنس. على أن أبا بكر الإسكاف عندهم متهم وضاع. وأما الترمذي فخرج هو وأبو داود بسنديهما إلى ابن عباس من طريق عاصم بن أبي النجود أحد القراء السبعة إلى زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً مني أو من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ". هذا لفظ أبي داود وسكت عليه. وقال في رسالته المشهورة: إن ما سكت عليه في كتابه فهو صالح. ولفظ الترمذي: " لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي " وفي لفظ آخر: " حتى يلي رجل من أهل بيتي وكلاهما حديث حسن صحيح. ورواه أيضاً من طريق موقوفاً على أبي هريرة. وقال الحاكم: رواه الثورى وشعبة وزائدة وغيرهم من أئمة المسلمين عن عاصم قال: وطرق عاصم عن زرعن عبد الله كلها صحيحة على ما أصلته من الاحتجاج بأخبار عاصم إذ هو إمام من أئمة المسلمين. انتهى. إلأ أن عاصماً قال فيه أحمد بن حنبل: كان رجلاً صالحاً قارئاً للقرآن خيراً ثقة والأعمش أحفظ منه. وكان شعبة يختار الأعمش عليه في تثبيت الحديث. وقال العجلي: كان يختلف عليه في زر وأبي وائل يشير بذلك إلى ضعف روايته عنهما. وقال محمد بن سعد: كان ثقة إلا أنه كثير الخطإ في حديثه. وقال يعقوب بن سفيان: في حديثه اضطراب. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي أن أبا زرعة يقول: عاصم ثقة فقال: ليس محله هذا. وقد تكلم فيه ابن علية فقال: كل من اسمه عاصم سيىء الحفظ. وقال أبو حاتم: محله عندي محل الصدق صالح الحديث ولم يكن بذلك الحافظ. واختلف فيه قول النسائي. وقال ابن حراش: في حديثه نكرة. وقال أبو جعفر العقيلي: لم يكن فيه إلا سوء الحفظ وقال الدار قطني: في حفظه شيء. وقال يحيى القطان: ما وجدت رجلاً اسمه عاصم إلا وجدته رديء الحفظ. وقال أيضاً سمعت شعبة يقول: حدثنا عاصم بن أبي النجود وفي الناس ما فيها وقال الذهبي: ثبت في القراءة وهو في الحديث دون التثبت صدوق فهم وهو حسن الحديث. وإن احتج أحد بأن الشيخين أخرجا له فنقول أخرجا له مقروناً بغيره لا أصلاً. والله أعلم. وخرج أبو داود في الباب عن علي رضي الله عنه من رواية فطر بن خليفة عن القاسم بن أبي مرة عن أبي الطفيل عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً ". وفطر بن خليفة وإن وثقه احمد ويحيى بن القطان وابن معين والنسائي وغيرهم إلا أن العجلي قال: حسن الحديث وفيه تشيع قليل. وقال ابن معين مرة: ثقة شيعي. وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: كنا نمر على فطر وهو مطروح لا نكتب عنه. وقال مرة: كنت أمر به وأدعه مثل الكلب. وقال الدار قطني: لا يحتج به. وقال أبو بكر بن عياش: ما تركت الرواية عنه إلا لسوء مذهبه. وقال الجرجاني: زائغ غير ثقة. انتهى. وخرج أبو داود أيضاً بسنده إلى علي رضي الله عنه عن هارون بن المغيرة عن عمر بن أبي قيس عن شعيب بن أبي خالد عن أبي إسحاق السبيعي قال: قال علي ونظر إلى ابنه الحسين: " إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق يملأ الأرض عدلاً ". وقال هارون: حدثنا عمر بن أبي قيس عن مطرف بن طريف عن أبي الحسن عن هلال بن عمر سمعت علياً يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارث على مقدمته رجل يقال له منصور يوطىء أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب على كل مؤمن نصره أو قال إجابته " سكت أبو داود عليه. وقال في موضع آخر في هارون: هو من ولد الشيعة. وقال السليماني: فيه نظر. وقال أبو داود في عمر بن أبي قيس: لا بأس به في حديثه خطأ. وقال الذهبي: صدق له أوهام. وأما أبو إسحاق السبيعي وإن خرج عنه في الصحيحين فقد ثبت أنه اختلط آخر عمره وروايته عن علي منقطعة وكذلك رواية أبي داود عن هارون بن المغيرة. وأما السند الثاني فأبو الحسن فيه وهلال بن عمر مجهولان ولم يعرف أبو الحسن إلا من رواية مطرف بن طريف عنه. انتهى. وخرج أبو داود أيضاً عن أم سلمة وكذا ابن ماجة والحاكم في المستدرك من طريق علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المهدي من ولد فاطمة ". ولفظ الحاكم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر المهدي فقال: " نعم هو حق وهو من بني فاطمة ". ولم يتكلم عليه بصحيح ولا غيره وقد ضعفه أبو جعفرالعقيلي وقال: " لا يتابع علي بن نفيل عليه ولايعرف إلا به ". وخرج أبوداود أيضاً عن أم سلمة من رواية صالح بن الخليل عن صاحب له عن أم سلمة قال: " يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام فيبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال أهل الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه. ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثاً فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب. والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويلقي الإسلام بجرانه على الأرض فيلبث سبع سنين ". وقال بعضهم تسع سنين. ثم رواه أبو داود من رواية أبي خليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة فتبين بذلك المبهم في الإسناد الأول. ورجاله رجال الصحيحين لا مطعن فيهم ولا مغمز. وقد يقال: إنه من رواية قتادة عن أبي الخليل وقتادة مدلس وقد عنعنه والمدلس لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع. مع أن الحديث ليس فيه تصريح بذكر المهدي نعم ذكره أبو داود في أبوابه. وخرج أبو داود أيضاً وتابعه الحاكم عن أبي سعيد الخدري من طريق عمران القطان عن قتادة عن أبي بصرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً يملك سبع سنين ". هذا لفظ أبي داود وسكت عليه. ولفظ الحاكم: " المهدي منا أهل البيت أشم الأنف أقنى أجلى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يعيش هكذا وبسط يساره وإصبعين من يمينه السبابة والإبهام وعقد ثلاثة " قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وعمران القطان مختلف في الاحتجاج به إنما أخرج له البخاري استشهاداً لا أصلاً. وكان يحيى القطان لا يحدث عنه. وقال يحيى بن معين: ليس بالقوي وقال مرة: ليس بشيء. وقال أحمد بن حنبل: أرجو أن يكون صالح الحديث. وقال يزيد بن زريع: كان حرورياً وكان يرى السيف على أهل القبلة. وقال النسائي: ضعيف. وقال أبو عبيد الأجري: سالت أبا داود عنه فقال من أصحاب الحسن وما سمعت إلا خيراً. وسمعتة مرة أخرى ذكره فقال: ضعيف أفتى في أيام إبراهيم بن عبد الله بن حسن بفتوى شديدة فيها سفك الدماء وخرج الترمذي وابن ماجة والحاكم عن أبي سعيد الخدري من طريق زيد العمي عن أبي صديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعض شيء حدث فسألنا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن في أمتي المهدي يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً ". زيد الشاك قال قلنا: وما ذاك قال: سنين! قال: " فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني ". قال: " فيحثو له في ثوبه ما استطاع أن يحمله ". لفظ الترمذي قال: هذا حديث حسن. وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظ ابن ماجة والحاكم: " يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع فتنعم أمتي فيه نعمة لم ينعموا بمثلها قط تؤتي الأرض أكلها ولا يذخر منه شيء. والمال يومئذ كدوس فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني! فيقول خذ!. انتهى. وزيد العمي وإن قال فيه الدار قطني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين إنه صالح وزاد أحمد: إنه فوق يزيد الرقاشي وفضل بن عيسى إلا أنه قال فيه أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال يحيى بن معين في رواية أخرى: لا شيء. وقال مرة: يكتب حديثة وهو ضعيف. وقال الجرجاني: متماسك وقال أبو زرعة: ليس بقوي واهي الحديث ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بذاك وقد حدث عنه شعبة. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه ومن يروي عنهم ضعفاء على أن شعبة قد روى عنه ولعل شعبة لم يرو عن أضعف منه. وقد يقال أن حديث الترمذي وقع تفسيراً لما رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثواً. لا يعده عداً ". ومن حديث أبي سعيد قال: " من خلفائكم خليفة يحثو المال حثواً ". ومن طريق أخرى عنهما قال: " يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده ". انتهى. وأحاديث مسلم لم يقع فيها ذكر المهدي ولا دليل يقوم على أنه المراد منها. ورواه الحاكم أيضاً من طريق عوف الأعرابي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض جوراً وظلماً وعدواناً ثم يخرج من أهل بيتي رجل يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً ". وقال فيه الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه الحاكم أيضاً من طريق سليمان بن عبيد عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحاً وتكثر الماشية وتعظم الأمة يعيش سبعاً أو ثماني ". يعني حججاً. وقال فيه حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. مع أن سليمان بن عبيد لم يخرج له أحد من الستة لكن ذكره ابن حيان في الثقات ولم يرد أن أحداً تكلم فيه. ثم رواه الحاكم أيضاً من طريق أسد بن موسى عن حماد بن سلمة عن مطر الوراق وأبو هارون العبدي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تملأ الأرض جوراً وظلماً فيخرج رجل من عترتي فيملك سبعاً أو تسعاً فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ". وقال الحاكم فيه: هذا حديث صحيح على شرط مسلم وإنما جعله على شرط مسلم لأنه أخرج عن حماد بن سلمة وعن شيخه مطر الوراق. وأما شيخه الآخر وهو أبو هارون العبدي فلم يخرج له. وهو ضعيف جداً متهم بالكذب ولا حاجة إلى بسط أقوال الأئمة في تضعيفه. وأما الراوي له عن حماد بن سلمة وهو أسد بن موسى ويلقب أسد السنة وإن قال البخاري: مشهور الحديث واستشهد به في صحيحه واحتج به أبو داود والنسائي إلا أنه قال مرة أخرى: ثقة لو لم يصنف كان خيراً له. وقال فيه محمد بن حزم: منكر الحديث. ورواه الطبراني في معجمه الأوسط من رواية أبي الواصل عبد الحميد بن واصل عن أبي الصديق الناجي عن الحسن بن يزيد السعدي أحد بني بهدلة عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يخرج رجل من أمتي يقول بسنتي ينزل الله عز وجل له القطر من السماء وتخرج الأرض بركتها وتملأ الأرض منه قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يعمل على هذه الأمة سبع سنين وينزل على بيت المقدس ". وقال الطبراني فيه ورواه جماعة عن أبي الصديق ولم يدخل أحد منهم بينه وبين أبي سعيد أحداً ا إلا أبا الواصل فإنه رواه عن الحسن بن يزيد عن أبي سعيد. انتهى. وهذا الحسن بن يزيد ذكره ابن أبي حاتم ولم يعرفه بأكثر مما في هذا الإسناد من روايته عن أبي سعيد ورواية أبي الصديق عنه. وقال الذهبي في الميزان إنه مجهول. لكن ذكره ابن حبان في الثقات. وأما أبو الواصل الذي رواه عن أبي الصديق فلم يخرج له أحد من الستة. وذكره ابن حبان في الثقات في الطبقة الثانية وقال فيه: يروي عن أنس وروى عنه شعبة وعتاب بن بشر. وخرج ابن ماجة في كتاب السنن عن عبد الله بن مسعود من طريق يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه وتغير لونه قال فقلت ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه فقال: إنا أهل البيت اختار الله لنا الأخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون وينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً. فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج. انتهى. وهذا الحديث يعرف عند المحدثين بحديث الرايات. ويزيد بن أبي زياد راوية قال فيه شعبة: كان رفاعاً يعني يرفع الأحاديث التي لا تعرف مرفوعة. وقال محمد بن الفضيل: كان من كبار أئمة الشيعة. وقال أحمد بن حنبل: لم يكن بالحافظ وقال مرة: حديثه ليس بذلك. وقال يحيى بن معين: ضعيف. وقال العجلي: جائز الحديث. وكان بآخره يلقن. وقال أبو زرعة: لين يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال الجرجاني: سمعتهم يضعفون حديثه. وقال أبو داود: لا أعلم أحداً ترك حديثة وغيره أحب إلي منه. وقال ابن عدي: هو من شيعة أهل الكوفة ومع ضعفه يكتب حديثه. وروى له مسلم لكن مقروناً بغيره. وبالجملة فالأكثرون على ضعفه. وقد صرح الأئمة بتضعيف هذا الحديث الذي رواه عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله وهو حديث الرايات. وقال وكيع بن الجراح فيه: ليس بشيء. وكذلك قال أحمد بن حنبل. وقال أبو قدامة: سمعت أبا أسامة يقول في حديث يزيد عن إبراهيم في الرايات لو حلف عندي خمسين يميناً قسامة ما صدقته أهذا مذهب إبراهيم أهذا مذهب علقمة أهذا مذهب عبد الله! وأورد العقيلي هذا الحديث في الضعفاء. وقال الذهبي: ليس بصحيح. وخرج ابن ماجة عن علي رضي الله عنه من رواية ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي منا أهل البيت يصلح الله به في ليلة ". وياسين العجلي وإن قال فيه ابن معين ليس به بأس فقد قال البخاري: فيه نظر. وهذه اللفظة من اصطلاحه قوية في التضعيف جداً. وأورد له ابن عدي في الكامل والذهبي في الميزان هذا الحديث على وجه الاستنكار له وقال هو معروف به. وخرج الطبراني في معجمه الأوسط عن علي رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أمنا المهدي أم من غيرنا يا رسول الله فقال: " بل منا بنا يختم الله كما بنا فتح وبنا يستنقذون من الشرك وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة بينة كما بنا ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك ". قال علي: أمومنون أم كافرون قال: " مفتون وكافر ". انتهى. وفيه عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف معروف الحال. وفيه عمر بن جابر الحضرمي وهو أضعف منه. قال أحمد بن حنبل: روي عن جابر مناكير وبلغني أنه كان يكذب وقال النسائي: ليس بثقة وقال كان ابن لهيعة شيخاً أحمق ضعيف العقل وكان يقول: " علي في السحاب " وكان يجلس معنا فيبصر سحابة فيقول: " هذا علي قد مر في السحاب ". وخرج الطبراني عن علي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يكون في آخر الزمان فتنة يحصل الناس فيها كما يحصل الذهب في المعدن. فلا تسبوا أهل الشام ولكن سبوا أشرارهم فإن فيهم الأبدال يوشك أن يرسل على أهل الشام صيب من السماء فيفرق جماعتهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم. فعند ذلك يخرج خارج من أهل بيتي في ثلاث رايات المكثر يقول هم خمسة عشر ألفاً والمقلل يقول هم اثنا عشر ألفاً وأمارتهم " أمت أمت " يلقون سبع رايات تحت كل راية منها رجل يطلب الملك فيقتلهم الله جميعاً ويرد الله إلى المسلمين ألفتهم ونعمتهم وقاصيتهم ورايتهم. وفيه عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف معروف الحال. ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه في روايته. ثم يظهر الهاشمي فيرد الله الناس إلى الفتهم. . . إلخ وليس في طريقه ابن لهيعة وهو إسناد صحيح كما ذكر. وخرج الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه من رواية أبي الطفيل عن محمد بن الحنفية قال: " كنا عند علي رضي الله عنه فسأله رجل عن المهدي فقال علي: هيهات. ثم عقد بيده سبعاً فقال ذلك يخرج في آخر الزمان إذا قال الرجل الله الله قتل ويجمع الله له قوماً قزعاً كقزع السحاب يؤلف الله بين قلوبهم فلا يستوحشون إلى أحد ولا يفرحون بأحد دخل فيهم عدتهم على عدة أهل بدر لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الأخرون وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر. قال أبو الطفيل قال ابن الحنفية: أتريده قلت: نعم! قال: فإنه يخرج من بين هذين الأخشبين. قلت لا جرم والله ولا أدعها حتى أموت ومات بها يعني مكة قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. انتهى. وإنما هو على شرط مسلم فقط فإن فيه عماراً الذهني ويونس بن أبي إسحاق ولم يخرج لهما البخاري وفيه عمرو بن محمد العنقزي ولم يخرج له البخاري احتجاجاً بل استشهاداً مع ما ينضم إلى ذلك من تشيع عمار الدهني وهو وإن وثقه أحمد وابن معيني وأبو حاتم والنسائي وغيرهم فقد قال علي بن المديني عن سفيان أن بشر بن مروان قطع عرقوبيه قلت في أي شيء قال: في التشيع. وخرج ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في رواية سعد بن عبد الحميد بن جعفر عن علي بن زياد اليمامي عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نحن ولد عبد المطلب سادات أهل الجنة أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي ". انتهى. وعكرمة بن عمار وإن أخرج له مسلم فإنما أخرج له متابعة. وقد ضعفه بعض ووثقه آخرون. وقال أبو حاتم الرازي: هو مدلس فلا يقبل إلا أن يصرح بالسماع. وعلي بن زياد قال الذهبي في الميزان: لا ندري من هو ثم قال الصواب فيه عبد الله بن زياد. وسعد بن عبد الحميد وإن وثقه يعقوب بن أبي شيبة وقال فيه يحيى بن معين ليس به بأس فقد تكلم فيه الثوري قالوا لأنه رآه يفتي في مسائل ويخطىء فيها. وقال ابن حيان: كان ممن فحش عطاؤه فلا يحتج به. وقال أحمد بن حنبل: سعد بن عبد الحميد يدعي أنه سمع عرض كتب مالك والناس ينكرون عليه ذلك وهو ههنا ببغداد لم يحج فكيف سمعها وجعله الذهبي ممن لم يقدح فيه كلام من تكلم فيه. وخرج الحاكم في مستدركه من رواية مجاهد عن ابن عباس موقوفاً عليه قال مجاهد قال لي ابن عباس: لو لم أسمع أنك مثل أهل البيت ما حدثتك بهذا الحديث قال فقال مجاهد: فإنه في ستر لا أذكره لمن يكره! قال فقال ابن عباس: " منا أهل البيت أربعة: منا السفاح ومنا المنذر ومنا المنصور ومنا المهدي. قال فقال مجاهد: بين لي هؤلاء الأربعة. فقال ابن عباس: أما السفاح فربما قتل أنصاره وعفا عن عدوه وأما المنذر أراه قال فإنه يعطي المال الكثير ولا يتعاظم في نفسه ويمسك القليل من حقه وأما المنصور فإنه يعطي النصر على عدوه الشطر مما كان يعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرهب منه عدوه على مسيرة شهرين والمنصور يرهب منه عدوه على مسيرة شهر وأما المهدي فإنه الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وتأمن البهائم السباع وتلقي الأرض أفلاذ كبدها قال: لاقلت وما أفلاذ كبدها قال: أمثال الأسطوانة من الذهب والفضة ". وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وهو من رواية إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه. وإسماعيل ضعيف وإبراهيم أبوه وإن خرج له مسلم فالأكثرون على تضعيفه!. وخرج ابن ماجة عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يقتله قوم. ثم ذكر شيئاً لا أحفظه قال: " فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي. ورجاله رجال الصحيحين إلا أن فيه أبا قلابة الجرمي وذكر الذهبي وغيره أنه مدلس وفيه سفيان الثوري وهو مشهور بالتدليس وكل واحد منهما عنعن ولم يصرح بالسماع فلا يقبل وفيه عبد الرزاق بن همام وكان مشهوراً بالتشيع وعمي في آخر وقته فخلط قال ابن عدي حدث بأحاديث في الفضائل لم يوافقه عليها أحد ونسبوه إلى التشيع. انتهى. وخرج ابن ماجة عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي من طريق ابن لهيعة عن أبي زرعة عن عمر بن جابر الحضرمي عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي ". يعني سلطانه. قال الطبراني تفرد به ابن لهيعة وقد تقدم لنا في حديث علي الذي خرجه الطبراني في معجمه الأوسط أن ابن لهيعة ضعيف وأن شيخه عمر بن جابر أضعف منه. وخرج البزار في مسنده والطبراني في معجمه الأوسط واللفظ للطبراني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فثمان وإلا فتسع تنعم فيها أمتي نعمة لم ينعموا بمثلها: ترسل السماء عليهم مدراراً ولا تذخر الأرض شيئاً من النبات والمال كدوس يقوم الرجل يقول يا مهدي أعطني فيقول خذ! قال الطبراني والبزار تفرد به محمد بن مروان العجلي. زاد البزار: ولا نعلم أنه تابعه عليه أحد وهو وإن وثقه أبو داود وابن حبان أيضاً بما ذكره في الثقات وقال فيه يحيى بن معين: صالح وقال مرة ليس به بأس فقد اختلفوا فيه. قال أبو زرعة ليس عندي بذلك وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: رأيت محمد بن مروان العجلي حدث بأحاديث وأنا شاهد لم نكتبها تركتها على عمد وكتب بعض أصحابنا عنه كأنه ضعفه. وخرج أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أبي هريرة قال: " حدثني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتى يرجعوا إلى الحق. قال: قلت وكم يملك. قال خمساً واثنتين. قال قلت: وما " خمساً واثنتين قال: " لا أدري ". وهذا السند وإن كان فيه بشير بن نهيك وقال فيه أبو حاتم لا يحتج به فقد احتج به الشيخان ووثقه الناس ولم يلتفتوا إلى قول أبي حاتم لا يحتج به. إلا أن فيه رجاء بن أبي رجاء اليشكري وهو مختلف فيه. قال أبو زرعة: ثقة وقال يحيى بن معين: ضعيف وقال أبو داود: ضعيف وقال فيه: صالح. وعلق له البخاري في صحيحه حديثاً واحداً. وخرج أبو بكر البزار في مسنده والطبراني في معجمه الكبير والأوسط عن قرة بن إياس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لتملأن الأرض جوراً وظلماً فإذا ملئت جوراً وظلماً بعث الله رجلاً من أمتي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً فلا تمنع السماء من قطرها شيئاً ولا تدخر الأرض شيئاً من نباتها. يلبث فيكم سبعاً أوثماني أوتسعاً ". يعني سنين. وفيه داود بن المجبر بن قحذم عن أبيه وهما ضعيفان جداً. وخرج الطبراني في معجمه الأوسط عن ابن عمر قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من المهاجرين والأنصار وعلي بن أبي طالب عن يساره والعباس عن يمييه إذ تلاحى العباس ورجل من الأنصار فأغلظ الأنصاري للعباس فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد العباس وبيد علي وقال: " سيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض جوراً وظلماً وسيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً. فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي فإنه يقبل من قبل المشرق وهو صاحب راية المهدي. وخرج الطبراني في معجمه الأوسط عن طلحة بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ستكون فتنة لا يسكن فيها جانب إلا تشاجر جانب حتى ينادي مناد من السماء أن أميركم فلان. وفيه المثنى بن الصباح وهو ضعيف جداً. وليس في الحديث تصريح ذكر المهدي وإنما ذكروه في أبوابه وترجمته استئناساً. فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان. هي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل أو الأقل منه. وربما تمسك المنكرون لشأنه بما رواه محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح بن أبي عياش عن الحسن البصري عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا مهدي إلا عيسى ابن مريم ". وقال يحيى بن معين في محمد بن خالد الجندي: إنه ثقة. وقال البيهقي: تفرد به محمد بن خالد. وقال الحاكم فيه: إنه رجل مجهول. واختلف عليه في إسناده: فمرة يروي كما تقدم وينسب ذلك لمحمد بن إدريس الشافعي ومرة يروي عن محمد بن خالد عن أبان عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً. قال البيهقي: فرجع إلى رواية محمد بن خالد وهو مجهول عن أبان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو منقطع وبالجملة فالحديث ضعيف مضطرب. وقد قيل في: " أن لا مهدي إلا عيسى " أي لا يتكلم في المهد إلا عيسى يحاولون بهذا التأويل رد الاحتجاج به أو الجمع بينه وبين الأحاديث وهو مدفوع بحديث جريح. ومثله من الخوارق. وأما المتصوفة فلم يكن المتقدمون منهم يخوضون في شيء من هذا وإنما كان كلامهم في المجاهدة بالأعمال وما يحصل عنها من نتائج المواجد والأحوال وكان كلام الإمامية والرافضة من الشيعة في تفضيل علي رضي الله تعالى عنه والقول بإمامته وادعاء الوصية له بذلك من النبي صلى الله عليه وسلم والتبري من الشيخين كما ذكرناه في مذاهبهم. ثم حدث فيهم بعد ذلك القول بالإمام المعصوم وكثرت التآليف في مذاهبهم. وجاء الإسماعيلية منهم يدعون ألوهية الإمام بنوع من الحلول وآخرون يدعون رجعة من مات من الأئمة بنوع التناسخ وآخرون منتظرون مجيء من يقطع بموته منهم وآخرون منتظرون عود الأمر في أهل البيت مستدلين على ذلك بما قدمناه من الأحاديث في المهدي وغيرها. ثم حدث أيضاً عند المتأخرين من الصوفية الكلام في الكشف وفيما وراء الحس. وظهر من كثير منهم القول على الإطلاق بالحلول والوحدة فشاركوا فيها الإمامية والرافضة لقولهم بألوهية الأئمة وحلول الإله فيهم. وظهر منهم أيضاً القول بالقطب والأبدال وكأنه يحاكي مذهب الرافضة في الإمام والنقباء. وأشربوا أقوال الشيعة وتوغلوا في الديانة بمذاهبهم حتى لقد جعلوا مستند طريقهم في لبس الخرقة أن علياً رضي الله عنه ألبسها الحسن البصري وأخذ عليه العهد بالتزام الطريقة. واتصل ذلك عنهم بالجنيد من شيوخهم. ولايعلم هذا عن علي من وجه صحيح. ولم تكن هذه الطريقة خاصة بعلي كرم الله وجهه بل الصحابة كلهم أسوة في طرق الهدى وفي تخصيص هذا بعلي دونهم رائحة من التشيع قوية يفهم منها ومن غيرها مما تقدم دخولهم في التشيع وانخراطهم في سلكه. وظهر منهم أيضاً القول بالقطب وامتلأت كتب الإسماعيلية من الرافضة وكتب المتأخرين من المتصوفة بمثل ذلك في الفاطمي المنتظر. وكان بعضهم يمليه على بعض ويلقنه بعضهم من بعض وكأنه مبني على أصول واهية من الفريقين. وربما يستدل بعضهم بكلام المنجمين في القرانات وهو من نوع الكلام في الملاحم ويأتي الكلام عليها في الباب الذي يلي هذا. وأكثر من تكلم من هؤلاء المتصوفة المتأخرين في شأن الفاطمي ابن العربي الحاتمي في كتاب عنقاء مغرب وابن قسي في كتاب خلع النعلين وعبد الحق بن سبعين وابن أبي واطيل تلميذه في شرحه كتاب خلع النعلين. وأكثر كلماتهم في شأنه ألغاز وأمثال وربما يصرحون في الأقل و يصرح مفسر وكلامهم. وحاصل مذهبهم فيه على ما ذكر ابن أبي واطيل أن النبوة بها ظهر الحق والهدى بعد الضلال والعمى وأنها تعقبها الخلافة ثم يعقب الخلافة الملك ثم يعود تجبراً وتكبراً وباطلاً. قالوا: ولما كان في المعهود من سنة الله رجوع أمور إلى ما كانت وجب أن يحيا أمر النبوة والحق بالولاية ثم بخلافتها ثم يعقبها الدجل مكان الملك والتسلط ثم يعود الكفر بحاله. يشيرون بهذا لما وقع من شأن نبوة والخلافة بعدها والملك بعد الخلافة: هذه ثلاث مراتب. وكذلك الولاية التي هي لهذا الفاطمي والدجل بعدها كناية عن خروج الدجال على أثره والكفر من بعد ذلك. فهي ثلاث مراتب على نسبة الثلاث مراتب الأولى. قالوا: ولما كان أمر الخلافة لقريش حكماً شرعياً بالإجماع الذي لا يوهنه إنكار من لم يزاول علمه وجب أن تكون الإمامة فيمن هو أخص من قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم إما ظاهراً كبني عبد المطلب وأما باطناً ممن كان من حقيقة الآل والآل من إذا حضر لم يغب من هو آله. وابن العربي الحاتمي سماه في كتابه " عنقاء مغرب " من تأليفه: خاتم الأولياء وكنى عنه بلبنة الفضة إشارة إلى حديث البخاري في باب خاتم النبيين قال صلى الله عليه وسلم: " مثلي فيمن قبلي من الأنبياء كمثل رجل ابتنى بيتاً وأكمله حتى إذا لم يبق منه إلا موضع لبنة فأنا تلك اللبنة ". فيفسرون خاتم النبيين باللبنة التي أكملت البنيان ومعناه النبي الذي حصلت له النبوة الكاملة. ويمثلون الولاية في تفاوت مراتبها بالنبوة ويجعلون صاحب الكمال فيها خاتم الأولياء أي حائز الرتبة التي هي خاتمة الولاية كما كان خاتم الأنبياء حائزاً للمرتبة التي هي خاتمة النبوة. فكنى الشارع عن تلك المرتبة الخاتمة بلبنة البيت في الحديث المذكور. وهما على نسبة واحدة فيها. فهي لبنة واحدة في التمثيل. ففي النبوة لبنة ذهب وفي الولاية لبنة فضة للتفاوت بين الرتبتين كما بين الذهب والفضة. فيجعلون لبنة الذهب كناية عن النبي صلى الله عليه وسلم ولبنة الفضة كناية عن هذ الولي الفاطمي المنتظر وذلك خاتم الأنبياء وهذا خاتم الأولياء. وقال ابن العربي فيما نقل ابن أبي واطيل عنه: وهذا الإمام المنتظر وهو من أهل البيت من ولد فاطمة وظهوره يكون من بعد مضي - خ ف ج - من الهجرة ورسم حروفاً ثلاثة يريد عددها بحساب الجمل وهو الخاء المعجمة بواحدة من فوق ستمائة والفاء أخت القاف بثمانين والجيم المعجمة بواحده من أسفل ثلاثة وذلك ستمائة وثلاث وثمانون سنة وهي في آخرالقرن السابع. ولما انصرم هذا العصر ولم يظهر حمل ذلك بعض المقلدين لهم على أن المراد بتلك المئة مولده وعبر بظهوره عن مولده وأن خروجه يكون بعد العشر والسبعمائة فإنه الإمام الناجم من ناحية المغرب ". قال: وإذا كان مولده كما زعم ابن العربي سنة ثلاث وثمانين وستمائة فيكون عمره عند خروجه ستاً وعشرين سنة. قال: وزعموا أن خروج الدجال يكون سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة من اليوم المحمدي وابتداء اليوم المحمدي عندهم من يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى تمام ألف سنة لما. قال ابن أبي واطيل في شرحه كتاب خلع النعلين: الولي المنتظر القائم بأمر الله المشار إليه بمحمد المهدي وخاتم الأولياء وليس هو بنبي وإنما هو ولي ابتعثه روحه وحبيه. قال صلى الله عليه وسلم: " العالم في قومه كالنبي في أمته ". وقال: " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل. ولم تزل البشرى تتابع به من أول اليوم المحمدي إلى قبيل الخمسمائة نصف اليوم وتأكدت وتضاعفت بتباشير المشايخ بتقريب وقته وازدلاف زمانه منذ انقضت إلى هلم جرا " قال: " وذكر الكندي أن هذا الولي هو الذي يصلي بالناس صلاة الظهر ويجدد الإسلام ويظهرالعدل ويفتح جزيرة الأندلس ويصل إلى رومية فيفتحها ويسير إلى المشرق فيفتحه ويفتح القسطنطينية ويصير له ملك الأرض فيتقوى المسلمون ويعلو الإسلام ويظهر دين الحنيفية فإن من صلاة الظهر إلى صلاة العصر وقت صلاة قال عليه الصلاة والسلام " ما بين هذين وقت " وقال الكندي أيضاً: الحروف العربية غير المعجمة يعني المفتتح بها سور القرآن جملة عددها سبعمائة وثلاث وأربعون وسبع دجالية ثم ينزل عيسى في وقت صلاة العصر فيصلح الدنيا وتمشي الشاة مع الذئب. ثم يبقى ملك العجم بعد إسلامهم مع عيسى مائة وستين عاماً عدد حروف المعجم وهي - ق ي ن - دولة العدل منها أربعون عاماً ". قال ابن أبي واطيل: " وما ورد من قوله لا مهدي إلا عيسى فمعناه لا مهدي تساوي هدايته ولايته وقيل لا يتكلم في المهد إلا عيسى. وهذا مدفوع بحديث جريج وغيره. وقد جاء في الصحيح أنه قال: " لا يزال هذا الأمر قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليهم اثنا عشر خليفة يعني قرشياً. وقد أعطى الوجود أن منهم من كان في أول الإسلام ومنهم من سيكون في آخره. وقال: " الخلافة بعدي ثلاثون أو إحدى وثلاثون أو ستة وثلاثون وانقضاؤها في خلافة الحسن وأول أمر معاوية فيكون أول أمر معاوية خلافة أخذاً بأوائل الأسماء فهو سادس الخلفاء وأما سابع الخلفاء فعمر بن عبد العزيز والباقون خمسة من أهل البيت من ذرية علي يؤيده قوله: " إنك لذو قرنيها " يريد الأمة أي إنك لخليفة في أولها وذريتك في آخرها. وربما استدل بهذا الحديث القائلون بالرجعة. فالأول هو المشار إليه عندهم بطلوع الشمس من مغربها. وقد قال صلى الله عليه وسلم: " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيلى لتنفقن كنوزهما في سبيل الله وقد أنفق عمر بن الخطاب كنوز كسرى في سبيل الله والذي يهلك قيصر وينفق كنوزه في سبيل الله هو هذا المنتظر حياً يفتح القسطنطينية: فنعم الأمير أميرها ونعم الجيش ذلك الجش. كذا قال صلى الله عليه وسلم: " ومدة حكمه بضع " والبضع من ثلاث إلى تسع وقيل إلى عشر. وجاء ذكر أربعين - في بعض الروايات سبعين. فأما الأربعون فإنها مدتة ومدة الخلفاء الأربعة الباقين من أهله القائمين بأمره من بعده على جميعهم السلام قال: " وذكر أصحاب النجوم والقرانات أن مدة بقاء أمره وأهل بيته من بعده مائة وتسعة وخمسون عاماً فيكون الأمر على هذا جارياً على الخلافة والعدل أربعين أو سبعين ثم تختلف الأحوال فتكون ملكاً. انتهى كلام ابن أبي واطيل. وقال في موضع آخر: " نزول عيسى يكون في وقت صلاة العصر من اليوم المحمدي حين تمضي ثلاثة أرباعه ". قال: " وذكر الكندي يعقوب بن إسحق في كتاب الجفر الذي ذكر فيه القرانات أنه إذا وصل القرآن إلى الثور على رأس ضح بحرفين الضاد المعجمة والحاء المهملة يريد ثمانية وتسعين وستمائة من الهجرة ينزل المسيح فيحكم في الأرض ما شاء الله تعالى ". قال: وقد ورد في الحديث أن عيسى ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ينزل بين مهرودتين يعني حلتين مزعفرتين صفراوين ممصرتين واضعاً كفيه على أجنحة الملكين له لمة كأنما خرج من ديماس إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ كثير خيلان الوجه. وفي حديث آخر: مربوع الخلق وإلى البياض والحمرة. وفي آخر: إنه يتزوج في الغرب. والغرب دلو البادية يريد أنه يتزوج منها وتلد زوجته. وذكر وفاته بعد أربعين عاماً. وجاء أن عيسى يموت بالمدينة ويدفن إلى جانب عمر بن الخطاب. وجاء أن أبا بكر وعمر يحشران بين نبيين ". قال ابن أبي واطيل: والشيعة تقول إنه هو المسيح مسيح المسايح من آل محمد. قلت وعليه حمل بعض المتصوفة حديث لا مهدي إلا عيسى أي لا يكون مهدي إلا المهدي الذي نسبته إلى الشريعة المحمدية نسبة عيسى إلى الشريعة الموسوية في الاتباع وعدم النسخ ". إلى كلام من أمثال هذا يعينون فيه الوقت والرجل والمكان بأدلة واهية وتحكمات مختلفة فينقضي الزمان ولا أثر لشيء من ذلك فيرجعون إلى تجديد رأي آخر منتحل كما تراه من مفهومات لغوية وأشياء تخييلية وأحكام نجومية. في هذا انقضت أعمار الأول منهم والآخر. وأما المتصوفة الذين عاصرناهم فأكثرهم يشيرون إلى ظهور رجل مجدد لأحكام الملة ومراسم الحق ويتحينون ظهوره لما قرب من عصرنا. فبعضهم يقول من ولد فاطمة وبعضهم يطلق القول فيه. سمعناه من جماعة أكبرهم أبو يعقوب البادسي كبير الأولياء بالمغرب كان في أول هذه المائة الثامنة وأخبرني عنه حافده صاحبنا أبو يحيى زكريا عن أبيه أبي محمد عبد الله عن أبيه الولي أبي يعقوب المذكور. هذا آخر ما اطلعنا عليه أو بلغنا من كلام هؤلاء المتصوفة وما أورده أهل الحديث من أخبار المهدي قد استوفينا جميعه بمبلغ طاقتنا. والحق الذي ينبغي أن يتقرر لديك أنه لا تتم دعوة من الدين والملك إلا بوجود شوكة عصبية تظهره وتدافع عنه من يدفعه حتى يتم أمر الله فيه. وقد قررنا ذلك من قبل بالبراهين القطعية التي أريناك هناك. وعصبية الفاطميين بل وقريش أجمع قد تلاشت من جميع الأفاق ووجد أمم آخرون قد استعلت عصبيتهم على عصبية قريش إلا ما بقي بالحجاز في مكة وينبع بالمدينة من الطالبيين من بني حسن وبني حسين وبني جعفر منتشرون في تلك البلاد وغالبون عليها وهم عصائب بدوية متفرقون في مواطنهم وإمارتهم وآرائهم يبلغون آلافاً من الكثرة. فإن صح ظهور هذا المهدي فلا وجه لظهور دعوته إلا بأن يكون منهم ويؤلف الله بين قلوبهم في اتباعه حتى تتم له شوكة وعصبية وافية بإظهار كلمته وحمل الناس عليها. وأما على غير هذا الوجه مثل أن يدعو فاطمي منهم إلى مثل هذا الأمر في أفق من الأفاق ثمن غير عصبية ولا شوكة إلا مجرد نسبة في أهل البيت فلا يتم ذلك ولا يمكن لما أسلفناه من البراهين الصحيحة. وأما ما تدعيه العامة والأغمار من الدهماء ممن لا يرجع في ذلك إلى عقل يهديه ولا علم يقيده فيتحينون ذلك على غير نسبة وفي غير مكان تقليداً لما اشتهر من ظهور فاطمي ولا يعلمون حقيقة الأمر كما بيناه. وأكثر ما يتحينون في ذلك القاصية من الممالك وأطراف العمران مثل الزاب بإفريقية والسوس من المغرب. ونجد الكثير من ضعفاء البصائر يقصدون رباطاً بماسة لما كان ذلك الرباط بالمغرب من الملثمين من كدالة واعتقادهم أنه منهم أو قائمون بدعوته زعماً لا مستند لهم إلا غرابة تلك الأمم وبعدهم عن يقين المعرفة بأحوالها من كثرة أو قلة أو ضعف أو قوة ولبعد القاصية عن منال الدولة وخروجها عن نطاقها فتقوى عندهم الأوهام في ظهوره هناك بخروجه عن. ربقة الدولة ومنال الأحكام والقهر ولا محصول لديهم في ذلك إلا هذا. وقد يقصد ذلك الموضع كثير من ضعفاء العقول للتلبيس بدعوة يميه تمامها وسواساً وحمقاً. وقتل كثير منهم. أخبرني شيخنا محمد بن إبراهيم الأبلي قال: خرج برباط ماسة لأول المائة الثامنة وعصر السلطان يوسف بن يعقوب رجل من منتحلي التصوف يعرف بالتويزري نسبة إلى توزر مصغراً وادعى أنه الفاطمي المنتظر واتبعه الكثير من أهل السوس من ضالة وكزولة وعظم أمره وخافه رؤساء المصامدة على أمرهم فدس عليه السكسوي من قتله بياتاً وانحل أمره. وكذلك ظهر في غمارة في آخر المائة السابعة وعشر التسعين منها رجل يعرف بالعباس وادعى أنه الفاطمي واتبعه الدهماء من غمارة ودخل مدينة فاس عنوة وحرق أسواقها وارتحل إلى بلد المزمة فقتل بها غيلة ولم يتم أمره. وكثير من هذا النمط. وأخبرني شيخنا المذكور بغريبة في مثل هذا وهو أنه صحب في حجه في رباط العباد وهو مدفن الشيخ أبي مدين في جبل تلمسان المطل عليها رجلاً من أهل البيت من سكان كربلاء كان متبوعاً معظماً كثير التلميذ والخادم. قال وكان الرجال من موطنه يتلقونه بالنفقات في أكثر البلدان. قال وتأكدت الصحبة بيننا في ذلك الطريق فانكشف لي أمرهم وأنهم إنما جاؤوا من موطنهم بكربلاء لطلب هذا الأمر وانتحال دعوة الفاطمي بالمغرب. فلما عاين دولة بني مرين ويوسف بن يعقوب يومئذ منازل لتلمسان قال لأصحابه: ارجعوا فقد أزرى بنا الغلط وليس هذا الوقت وقتنا. ويدل هذا القول من هذا الرجل على أنه مستبصر في أن الأمر لا يتم إلا بالعصبية المكافئة لأهل الوقت فلما علم أنه غريب في ذلك الوطن ولا شوكة له وأن عصبية بني مرين لذلك العهد لا يقاومها أحد من أهل المغرب استكان ورجع إلى الحق وأقصر عن مطامعه وبقي عليه أن يستيقن أن عصبية الفواطم وقريش أجمع قد ذهبت لا سيما في المغرب. إلا أن التعصب لشأنه لم يتركه لهذا القول. والله يعلم وأنتم لا تعلمون. وقد كانت بالمغرب لهذه العصور القريبة نزعة من الدعاة إلى الحق والقيام بالسنة لا ينتحلون فيها دعوة فاطمي ولا غيره وإنما ينزع منهم في بعض الأحيان الواحد فالواحد إلى إقامة السنة وتغيير المنكر ويعتني بذلك ويكثر تابعه. وأكثر ما يعنون بإصلاح السابلة لما أن أكثر فساد الأعراب فيها لما قدمناه من طبيعة معاشهم فيأخذون في تغيير المنكر بما استطاعوا. إلا أن الصبغة الدينية فيهم لا تستحكم لما أن توبة العرب ورجوعهم إلى الدين إنما يقصدون بها الإقصار عن الغارة والنهب لا يعقلون في توبتهم وإقبالهم إلى مناحي الديانة غير ذلك لأنها المعصية التي كانوا عليها قبل المقربة ومنها توبتهم. فتجد تابع ذلك المنتحل للدعوة القائم بزعمه بالسنة غير متعمقين في فروع الإقتداء والاتباع إنما دينهم الإعراض عن النهب والبغي وإفساد السابلة ثم الإقبال على طلب الدنيا والمعاش بأقصى جهدهم. وشتان بين طلب هذا الأجر في صلاح الخلق وبين طلب الدنيا فاتفاقهما ممتنع لا تستحكم لهم صبغة في الدين ولا يكمل لهم نزوغ عن الباطل على الجملة ولا يكثرون. ويختلف حال صاحب الدعوة معهم في استحكام دينه وولايته في نفسه دون تابعه. فإذا هلك انحل أمرهم وتلاشت عصبيتهم. وقد ولع ذلك بإفريقية لرجل من كعب من سليم يسمى قاسم بن مرة بن أحمد في المائة السابعة ثم من بعده لرجل آخر من بادية رياح من بطن منهم يعرفون بمسلم وكان يسمى سعادة وكان أشد ديناً من الأول وأقوم طريقة في نفسه ومع ذلك فلم يستتب أمر تابعه كما ذكرناه حسبما يأتي ذكر ذلك في موضعه عند ذكر قبائل سليم ورياح. وبعد ذلك ظهر ناس بهذه الدعوة يتشبهون بمثل ذلك ويلبسون فيها وينتحلون اسم السنة وليسوا عليها إلا الأقل فلا يتم لهم ولا لمن بعدهم شيء من أمرهم. انتهى.
|